الكاتب والباحث السياسي: أحمد شيخو

تقترب الذكرى السنوية الأولى لبدء الحرب في أوكرانيا التي بدأت في ٢٤ شباط/فبراير ٢٠٢٢ من قبل روسيا مخلفة ورائها تداعيات وتحديات مختلفة وكبيرة على مجتمعات وشعوب ودول الشرق الأوسط والعالم في العديد من المجالات منها الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية ومازالت التأثيرات تزداد وتكبر مع استمرار الحرب ومحاولة الطرفين الغربي و الروسي الاستمرار في الحرب وتوسيعها لتشمل مناحي وساحات أخرى في المنطقة وحول العالم لإجبار كل طرف الطرف الأخر المقابل له على الرضوخ لشروطه والقبول بالهزيمة أو على الأقل حفظ ماء الوجه عند بدء مسار المفاوضات وانتهاء الحرب إن حصل وهو المستبعد.
ولعل انشغال المراقبين والباحثين السياسيين والإعلام وكذلك غالبية مراكز البحث الاستراتيجية و السلطات وأجهزة الدول في الشرق الأوسط وخارجها بمراقبة و تناول الموضوع ومحاولة فهمه ومعالجة تداعياته بتحليل وتقدير الموقف الحاصل مع تزايد الحديث عن المشهد الإقليمي والدولي وإمكانية التغيير فيه وفق نتائج الأزمة الأوكرانية و كما أن تناول المفاهيم الدولية كالتعددية القطبية و أمن الغذاء العالمي وأمن الطاقة والهجمات السيبرانية والعقوبات الاقتصادية وسقف السعر و محاولة إضعاف هيمنة الدولار إن أمكن وارتفاع الأسعار، و كذلك تناول المضائق والممرات المائية الدولية في الشرق الأوسط وخارجها ومحاولة تأكيد تأمينهم بالشكل الكافي و القادر على مواجهة أي طارئ من قبل القوى العالمية والإقليمية، وتداعيات وأثر كل ذلك على الساحة الاجتماعية والفكرية لمجتمعاتنا وشعوبنا، يبين أن قبل الأزمة الأوكرانية وبعدها مختلف و ستكون لها تداعيات كبيرة وربما إلى معادلات إقليمية ودولية جديدة تعزز هيمنة نظام القطب الواحد مجدداً مع بعض التغيرات الجوهرية في الأدوات الإقليمية وخرائط النفوذ أو أن تؤدي إلى توزيع جديد للقوى المركزية العالمية وفقاً لموقعها وقوتها الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية ومهام مستحدثة لبعض القوى المركزية المهيمنة والإقليمية في تحمل مسؤوليات أكثر كما الدول الأوربية والعربية وبعض دول شرق آسيا التي مطلوب منها تحمل العبىء والعمل أكثر في النطاق الإقليمي والدولي المكلف بها وتأمين متطلبات الهيمنة العالمية والرضوخ بشكل تام.

من المفيد أن نشير أن الحرب العالمية الأولى والثانية ورغم حدوثهم في أوربا وخارج الشرق الأوسط وبشكل كبير، إلا أن ما تم تشكيله من دول ونظم وثقافة سياسية مضللة وأيدولوجيات أحادية و مطلقة في الشرق الأوسط وبين شعوبها لتزرع الحروب والتجانس القسري والنمطية، كانت انعكاس مباشر وترجمة فعلية لنتائج الحروب تلك وتدخل المنتصرين وقوى الهيمنة الجديدة في شؤون مجتمعات وشعوب المنطقة لإخضاعهم و للهيمنة عليهم ونهبهم عبر تقسيم المنطق لدويلات قومية تابعة و متناحرة مع شعوبها ومع محيطها في حالة من التجاوز والاعتداء على ثقافة المنطقة وتنوعها وقيمها وتقاليدها الديمقراطية والتكاملية.

يمكننا أن نرصد أثر الأزمة الأوكرانية على المنطقة وشعوبها ودولها من معرفة تفاعل الشعوب الأربعة الأساسية والدول التي تحتويهم بالإضافة إلى معرفة توجه إسرائيل وتحركاتها مع الأزمة كونها تعد مؤشر لكونها نواة للهيمنة العالمية في المنطقة ومن أهم القوة الإقليمية المؤثرة من خلف الكواليس في شؤون المنطقة وإن لم تظهر كغيرها من القوى الإقليمية في الواجهة وهم:

1- الدول والشعوب العربية:

غالبية الدول العربية تأثرت بشكل سلبي بالأزمة الأوكرانية وفي مجالات عديدة و منها ما تمس حياة الطبقات الشعبية العربية الفقيرة مباشرة وإن قامت بعض الدول بزيادة صادراتها من الغاز لأوربا، وخاصة مع عدم امتلاك غالبية الدول العربية للرؤية و للقرار السياسي والاقتصادي المستقل نتيجة لعوامل عديدة بالإضافة إلى غياب الديمقراطية التي جعلت الشعوب ومختلف التكوينات الاجتماعية غير حاضرة في مشهد وقرار وقوة مواجهة التحديات، بل موجودة لتلقي الصدمات وعيش المعاناة وامتصاص دمها وجهدها وحقوقها من قبل السلطات القوموية والدول المركزية الفاشلة والتيارات العروبية المصطنعة والتي مازال العديد منها يعاني من أثر التحركات الجماهيرية التي حصلت منذ عقد والتدخلات السلبية الخارجية والإقليمية والتي فشل المنظومة العربية الرسمية والسياسية والموجودة بعد الحرب العالمية الأول في تحقيق مطالب شعوبها و وحقوق تكويناتها الاجتماعية العادلة في الحرية والديمقراطية وحل المعاناة الاقتصادية والصحية والتعلمية واجتياز الأزمات التي حصلت ومنع التدخلات الإقليمية والخارجية التي مازالت مستمرة وكذلك مواجهة الإرهاب (الإسلام السياسي وبمشتقاته من الإخوان والقاعدة وداعش) الذي يعتبر تحدي كبير للمجتمعات والدول العربية والذي زاد من نشاطه مع الأزمة الأوكرانية لانشغال العالم عنه وكذلك لقيام بعض الدول الإقليمية كتركيا بحماية قادة داعش في مناطق احتلالها وبدعم خلايا داعش والقاعدة في مختلف الدول العربية والاستفادة منها في تنفيذها الهجمات على القوى والدول التي ترفض الخضوع وقبول السياسات التركية ونهبها للثروات العربية كما في ليبيا وسوريا و العراق والصومال واليمن وذلك رغم حالة التطبيع المضللة والمخادعة للدولة التركية مع بعض الدول العربية المحورية ريثما يجتاز السلطة الحالية التركية الاستحقاق الانتخابي.
ونظراً لضبابية المواقف الدولية ومن طرفي الصراع في أوكرانيا من القضايا العربية الملحة كقضية مواجهة إيران وأذرعها والتدخلات التركية و زيادة قواعدها العسكرية ودعمها للمليشيات والإرهابين والمرتزقة، وكذلك محاولة الطرفين استغلال موارد الشعوب والدول العربية وأخذ الدول العربية لتحالفاتها زادت الانقسام والحيرة والخوف من المستقبل مع عدم وضوح الرغبة والرؤية الدولية في حل الأزمات في الدول والعالم العربي وخاصة تلك الدول التي مازالت تعاني من أثر وتداعيات الربيع العربي ناهيك عن ظهور قوى الإرهاب والأذرع التمددية للقوى الإقليمية، والملاحظ أن مقاربة طرفي الأزمة الأوكرانية للقضايا العربية هي أخذها وتناولها كورقة وأداة لتوظيفها في الحرب الأوكرانية مما سيزيد حدة الصراعات في المنطقة و لعل محاولة التطبيع بين النظامين التركي والسوري بضغط روسي رغم وجود جملة من التحديات أمامها هي أحد هذه الحالات مع وجود رغبة من السلطات التركية لخداع النظام السوري وجرها لمواقف معادية ضد الكرد لن يخدم سوى دولة الاحتلال التركية والتمهيد لتقسيم سوريا.

2- تركيا:

للأزمة الأوكرانية تأثير مهم و مصيري على الدولة التركية ومستقبلها وخاصة بوجود السلطة الحالية التي تملك مشروع العثمانية الجديدة و تمارس حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الكردي في داخل تركيا وفي سوريا والعراق وفي كل مكان حتى في أوربا كمدينة مثل باريس وغيرها، هذه السلطة التي تجسد الإسلام السياسي الإرهابي الإخوانيAKP))والفاشية التركياتية الطورانية(MHP) و التي تحاول نسج وصياغة علاقات وأدوار ونفوذ لتركيا غير مسموح لها من قبل نظام الهيمنة العالمي و الذي يعتبر تركيا الدولة والجغرافية والسلطة دوماً منذ يوم قبولها كدولة قومية تركية وفق معاهدة لوزان عام ١٩٢٣ إحدى أدواتها وأحجارها على رقعة الشطرنج في الشرق الأوسط وخاصة مع دخولها الناتو عام ١٩٥٢وإنشاء فرع لغلاديو الناتو ضمن الدولة التركية باسم أرغنكون (الدولة العميقة التركية) التي تعتبر .
ومع بدء الحرب استشعرت الدولة والسلطات التركية بالخطر المصيري القادم لوقوع تركيا على البحر الأسود والصراع الدولي عليها من جانبي الأزمة ومن احتمالية توسع الحرب واستمرارها وإجبار تركيا على الاختيار في الوقوف الكامل مع أحد الطرفين، ففي الحرب العالمية الأولى أيضاً أرادت الدولة العثمانية الوقوف في المنتصف وعلى الحياد لإنقاذ نفسها، ولكن البريطانيين وبوضع علم العثمانيين على أحد السفن البريطانية وبالهجوم على السفن الروسية جعلت روسيا تظن أن العثمانيين اختاروا وانحازوا للصف المعادي وحصلت الاشتباكات والحرب بينهم وكانت النتيجة أن الإمبراطورية العثمانية ذهبت أدراج الرياح و في خبر كان وانهارت وتقسمت، واليوم أيضاً وحسب رؤيتنا أن تركيا أمام منعطف تاريخي :
1- إما أن تستمر في حروبها وتدخلها في المحيط وخاصة حربها وإبادتها للشعب الكردي وهنا ولاستمرار حربها هذه لابد أن تأخذ الضوء والدعم من الطرفين مقابل أن لا تنحاز بشكل كلي لأحد الطرفين، وهذا ما فعله أردوغان في اجتياحاته وحربه واحتلاله ضمن سوريا ولكن مع تعمق الأزمة الأوكرانية ودخولها مستويات خطيرة لابد أن يحاول أحد الطرفين جلبه كلياً لطرفه حتى يضعف الطرف الأخر وبشكل مؤثر وفعال وعندها لابد أن تختار أحد طرفي الأزمة الأوكرانية وتحصل لها ما حصلت مع الدولة العثمانية، والانتخابات التركية القادمة لن تكون بمنأى عن تدخل الطرفين ومحاولة كل منهما التأثير على نتائج الانتخابات وأصوات الناخبين وعبر أدوات عديدة.
2- أو أنها تتجاوز القوموية التركية الفاشية والدولة المركزية وتقوم بالقيام بالتحول الديمقراطي وإطلاق سراح القائد أوجلان وحل القضية الكردية سليماً وديمقراطياً وعندها لن تكون مجبورة على التبعية للخارج وتهديد المحيط و اختيار أحد الطرفين بالشكل الكامل وستكون مجتمع و دولة ذات اعتبار و سيادة و لها قرار وطني تستطيع مواجهة التحديات ومعالجة الأثار السلبية وحل كافة القضايا، لأن المجتمع والبلد الديمقراطي يستطيع أكثر من غيره من مواجهة التحديات وحل القضايا.
والملاحظ أن السلطة التركية وعلى رأسها أردوغان غير قادرة على رؤية وسلك الاتجاه الصحيح، ومقاربة تركيا من القائد أوجلان واستمرار العزلة والتجريد عليه وعدم وجود أية معلومات عنه ومنع أهله ومحامييه بزيارته مع ملاحظة تواطؤ لجنة مناهضة التعذيبCPT)) مع تركيا لاستمرار سياسة العزلة مرافقاً بالهجمات بالأسلحة المحظورة والكيميائية على المدنيين والمقاتلين الكرد في مناطق الدفاع المشروع في إقليم كردستان العراق وكذلك الهجمات المستمرة بالمسيرات والمدافع والطائرات على شمال وشرق سوريا واستمرار تدخلها في المحيط والدول العربية، تبين تضخم حالة السلطوية الفاشية لدى تركيا وسلطاتها وخوفهم من المحاسبة والمحاكمة بعد الرجوع عن هذه السياسات والهزيمة في الانتخابات القادمة.
ومع أخذنا باحتمالية انضمام الناتو وفنلندا إلى الناتو وهما الدولتان اللتان لهما حدود طويلة مع روسيا وبالإضافة إلى اتفاقيات إبراهيم بين إسرائيل والدول العربية وظهور منتدى غاز الشرق المتوسط كأحد المعادلات الإقليمية المهمة للنظام العالمي، باتت الدولة و السلطات التركية تشعر أن دورها الوظيفي وموقعها وثقلها الإقليمي لن يكون مثل السابق في المستقبل وفي أي ترتيبات جديدة ولذلك الشعور بالخوف والخيبة وإمكانية التراجع كبيرة لدي العقل السلطوي والسياسي الفاشي التركي مما خلق سلوك تركي مضطرب وقلق متزايد لدى السلطات التركية التي باتت ترى استمرارها بالحكم في قتل الكرد وشعوب المنطق وإشعال الحروب واستمرار دعم الإرهاب وكذلك فرض نفسها على دول العالم ومحاولة اللعب بين جميع الأطراف وعلى كل الحبال ولكن هذا لن يدوم والسقوط سيكون مدوياً، لكن لا أحد غير الشعب الكردي يدفعه الأن إلى السقوط، بل أن البعض يراهن على أردوغان ووجوده في الحكم وفوزه في الانتخابات حتى يستعمله حصان طروادة ضمن الناتو كما روسيا وغيرها لكن أردوغان لا يستطيع أن يكون حتى حمار أو كلب طروادة وليس حصان لكونه ومع حزبه الإسلاموي الإخواني تم جلبهم للحكم لزوم مرحلة الإسلام السياسي في المنطقة والتي بدأت نهايتها بكلمة الفصل والحزم للشعببين الشعب المصري العزيز الذي قال لا للإخوان الإرهابيين ولحكمهم وعمالتهم لغير أولوية الشعب والوطن وأسقطهم وكذلك للشعب الكردي في هزيمة داعش في كوباني وهزيمة حزب العدالة والتنمية في انتخابات تركيا عام ٢٠١٥.

3- الشعب الكردي:

ونظراً لامتلاك الشعب الكردي وحركة حريته بقيادة القائد أوجلان وحزب العمال الكردستاني، مشروع الأمة الديمقراطية ومقترح اتحاد الأمم الديمقراطية في الشرق الأوسط كبديل للدولة القومية والدول والمؤسسات القومية في الشرق الأوسط ، استطاع الشعب الكردي لعب دور مهم وريادي وخاصة في العقد الأخير على ساحة الشرق الأوسط وفي منطقة التماس مع الشعوب العربية وتمكنوا وبهذا المشروع الديمقراطي الثقافي و الاجتماعي والسياسي والعسكري من هزيمة داعش والقاعدة في سوريا والعراق وبناء نظام الإدارة الذاتية لشنكال/سنجار وقوات مقاومة شنكال(YBŞ) من المجتمع الإيزيدي في قضاء شنكال، حتى يقوم المجتمع الإيزيدي بإدارة نفسه كأحد حقوقه الطبيعية وعدم تكرار الجنوسايد الذي حصل في ٢٠١٤ مرة أخرى، و كذلك تم بناء وتشيد نظام الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية مع الشعب العربي و المكونات والشعوب الأخرى في سوريا كمشروع وطني سوري بامتياز تقوده المرأة الحرة ويستند بشكل أساسي لأخوة الشعوب والتعايش المشترك والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات والمجتمع الديمقراطي والأيكولوجي بما يحافظ على وحدة سوريا وسيادتها وسلامتها.

ولكن تركيا وأردوغان ولكون هزيمة داعش كانت هزيمة لهم أيضاً نظراً للترابط الأيدولوجي والعضوي بينهم ومشروع الميثاق الملي الذي بموجبه أراد و يريد أردوغان وتركيا احتلال شمال وشرق سوريا وإقليم كردستان العراق، هنا تدخلت تركيا وبشكل مباشر مستغلة بعض المرتزقة من المعارضة السورية والإرهابيين حول العالم الذين جلبتهم لسوريا والعراق و مصالح الدول معها والموقع الاستراتيجي لتركيا ووجودها ضمن حلف الناتو في احتلال 10% من مساحة سوريا والقيام بممارسة التطهير العرقي وكافة الجرائم بحق الشعب الكردي وشعوب سوريا كما في عفرين المحتلة وكذلك في سري كانيه وكري سبي والباب وإدلب المحتلين من قبل تركيا وإرهابيها ومرتزقتها من الإخوان والدواعش تحت اسم ما يسمى الجيش الوطني السوري والأئتلاف وحكومتي الإئتلاف والإنقاذ وهيئة التفاوض.

والأن ومع قرب الاستحقاق الانتخابي ومع استمرار وتزايد تأثير الأزمة الأوكرانية على أردوغان، يحاول المحافظة على التوازن قدر الإمكان بين علاقاته بالطرفين الروسي والغربي واستغلال الطرفين للسماح له ولجيشه برفع مستوى الحرب الممارسة ضد الشعب الكردي إلى مستويات أعلى ومزيد من الاحتلال المباشر لرفع شعبيته المنهارة بسبب سياساتها الفاشلة وما اللقاءات الثلاثية والحديث عن تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري بالضغط والرعاية الروسية وتصريحات لافروف المحبذة والمسايرة لتركيا وأردوغان عن تفهم روسيا لمخاوف تركيا حول الكرد السوريين وكذلك زيارة وزير خارجية دولة الاحتلال التركي إلى أمريكا هي في هذا الإطار في إطار عداء دولة الاحتلال التركي للشعب الكردي ومحاولة ضم الأخريين بشكل أكثر فعالية لهذه الحرب ضد الشعب الكردي الذي قام بحماية سوريا والعراق والبشرية من خطر وإرهاب داعش.
وهنا أيضاً ظهر دعوة إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي الذي صفع أردوغان في انتخابات البلدية بالتنسيق مع المعارضات الأخرى، ويريد صفعه بتحالف الحرية والكد هذه المرة والذي بدأ حملته قبل يومين في تجمع جماهيري كبير في إسطنبول، رغم أن الكثير من المعارضة التركية الحالية والظاهرة في الوسط السياسي التركي غير تحالف الحرية والكد هي تكرار و نسخ بالية من أردوغان وخطه الأيدولوجي والسياسي الإسلاموي البرغماتي الوقح ولا تملك رؤية استراتيجية وطنية ديمقراطية للتعامل في الداخل والخارج مع القضايا الوطنية و التحديات الكثيرة كحل القضية الكردية ومعالجة تداعيات الحرب الأوكرانية على تركيا وبناء علاقات سليمة مع المحيط والعالم يما يخدم الاستقرار والأمن.

4- إيران:

ربما تكون إيران من الدول القليلة وخاصة بعد فشل المفاوضات بينها وبين المنظومة الغربية على برنامجها النووي، من التي ذهبت مع روسيا في حربها وغزوها لأوكرانيا الى مستويات متقدمة كتقديم الدعم الاقتصادي والعسكري وربما مستشارين و جنود ومسيرات لروسيا كما تؤكده العديد من الأنباء بعد أن حافظت الصين على علاقاتها ومسافاتها السابقة من روسيا والمنظومة الغربية دون تغير كبير ومفصلي يذكر، رغم صعود الحديث عن تايوان وبعض الزيارات الاستفزازية وتطور ماهية العلاقات العسكرية بين أمريكا واليابان وبعض الدول القريبة من الصين، لكن الصين فضلت عدم الذهاب مع روسيا كثيراً والاكتفاء ببعض المواقف الأقرب للشكلية والتي حافظت علي علاقاتها مع المنظومة الغربية.
ربما تدرك إيران أن خسارة روسيا الحرب و مقتل بوتين وتقسيم روسيا لحوالي عشرة دول كما تريدها أمريكا وبريطانيا كسقف أعلى لهدفهم من الحرب في أوكرانيا، أنه لن يكون في صالح إيران إذا حصل، بل أن إيران وبعض الدول ستكون التالية مباشرة بعد روسيا أو حتى قبلها مع استمرار توسع نطاق وتداعيات الأزمة الأوكرانية ورغبة الطرفين ربما في اشعال جبهات جديدة في الشرق الأوسط وإضعاف كل طرف للأخر ولحلفائه الذين اختاروا الوقوف معه من دول وشعوب المنطقة، في ظل قدوم حكومة إسرائيلية وضعت من أولوياتها الأربعة منع إيران وبمختلف الطرق من الحصول أو الوصول للسلاح النووي والعمل لعدم تعزيز نفوذها بالقرب منها، وكذلك في ظل تصاعد الاحتجاجات والانتفاضة الشعبية الواسعة من مختلف الشعوب في إيران واستمرارها على غير العادة رغم كل الاتهامات الغير صحيحة و ممارسة العنف الممنهج و البطش والإعدامات التي تمارسها السلطات الإيرانية.
ولو لاحظنا الخريطة الإيرانية ندرك محاولة إتمام إطباق الحصار عليها من عدة جوانب مع تزايد النفوذ الإسرائيلي في أزربيجان وكذلك وجود طالبان من طرف أفغانستان بالقصد الذي تم العمل عليه إضافة لتزايد علاقات باكستان المملكة العربية السعودية وتوغل إسرائيل في الإمارات والبحرين وفي معظم دول الخليج وإن لم يظهر ذلك للعلن، فكل هذا دفعت إيران أن تكون في صف روسيا وتطور علاقاتها وفي جوانب عديدة مع الحكومة الروسية.

5- إسرائيل:

رغم تمدد وتوسع علاقات أو هيمنة إسرائيل في الشرق الأوسط مع حالة الربيع العربي وضعف منظومة الدول العربية و بالترافق مع تمدد إيران وتركيا في الدول العربية، إلا أن الأزمة الأوكرانية تركت أثر وشعور بأهمية التحرك وتدارك الوضع والاحتساب لأسوء وضع في الأزمة الأوكرانية ولقد تحركت الدولة العميقة واللوبيات اليهودية في العالم ليكون النفوذ والرأسمال اليهودي العالمي في روسيا والغرب حاضر في رسم ملامح نتيجة الحرب وتداعياتها و أي ترتيبات جديدة في المشهد الإقليمي والدولي، لذلك نجد معظم الأطراف المتشددة اليهودية حاضرة في حكومة يمينية يهودية لتكون إسرائيل جاهزة لكافة الاحتمالات والتداعيات التي من الممكن أن تكون مصيرية لمستقبل المنطقة ومنها حتى ضرب إيران أو إضعاف إيران وضربها في سوريا ولبنان والعراق كما هو الآن حتى لا تستغل إيران علاقاتها ودعمها لروسيا في أوكرانيا في تعزيز نفوذها ومد أزرعها في المنطقة وخاصة في الدول العربية سواء في المشرق أو المغرب العربي، في ظل تخبط الدول العربية وضعف الثقة الذي تسبب به انسحاب أمريكا من أفغانستان والشروط التي تضعها على المساعدات العسكرية والاقتصادية لبعض الدول العربية ومحاولة تدارك دول الخليج أمنها وخوفها بفتح مسارات ولقاءات مع الصين ومع إيران لإرسال رسائل متعددة إلى مختلف الأطراف ومنها أمريكا وبريطانيا و أوربا وإسرائيل.

وعليه، فإن الأزمة الأوكرانية أو الحرب العالمية الثالثة ستكون مستمرة إلى أن تكون هناك حدث أو تطور نوعي أو تهور حقيقي بالأسلحة النووية أو قناعة عند طرفي الصراع أو تفاعلات ومعطيات جديدة ربما تأتي نتيجة للتداعيات التي خلقتها وتخلفها هذه الحرب على العالم ومنها ساحة الشرق الأوسط، ونستطيع القول أن مجتمعات وشعوب ودول الشرق الأسط ستكون معنية بنتائج هذه الحرب مباشرة، وبل أن العديد من الدول والنظم والثقافات والسياسات يمكن أن تنتهي أو تظهر في المنطقة مع خسارة أحد طرفي الحرب في حال عدم الوصول إلى صيغة وسط ترضي الطرفين وتحافظ على مصالح الأثنين حول العالم، وهنا يمكننا القول أن كافة الاحتمالات واردة والظروف ربما تكون مناسبة حتى لمجتمعات وشعوب المنطقة لكي تكون لها كلمتها ونفوذها ومشروعها الديمقراطي للحل وتجاوز ذهنية وعقلية وسلوك الأزمة وإيجاد الحلول الديمقراطية، وهنا تظهر أهمية الحلقات والأبعاد المحلية وضرورتها لمجتمعات وشعوب وكذلك دول المنطقة في تفعيل طاقاتهم الذاتية والاعتماد على أنفسهم بدل الخارج في معالجة التحديات ومواجهتها ومنها تأمين وبناء الساحة الديمقراطية التشاركية لكل المجتمعات وشعوب المنطقة وكذلك تعزيز العلاقات والتحالفات على كافة المستويات بين الشعوب والدول في المنطقة ومراجعة الدساتير والقوانين وكذلك المنظومة الأخلاقية والسياسية والتعلمية والاقتصادية وكذلك الأفكار والسياسات التي تجعل دول المنطقة وشعوبها تحت رحمة الأخريين ومساعداتهم في الوقت الذي نستطيع وبتحقيق التحول الديمقراطي في دول المنطقة وبين شعوبها وفي كافة مؤسساتها من مواجهة كافة التحديات معاً والانتصار عليها وردع كافة التدخلات الخارجية والإقليمية في شؤون شعوب ودول المنطقة بامتلاكنا للذهنية الديمقراطية التشاركية والإرادة الحرة القادرة على البناء والعمل ومواجهة التحديات مهما كانت وبمختلف الوسائل والتي تعيد للمنطقة وشعوبها دورها الحضاري والإنساني البناء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *